تابعونا على الفيسبوك يصلكم كل جديد

احصل يوميا على تحديتاث المدونة

الاثنين، يناير 03، 2011

الدروس الخصوصية هل من خلاص؟


بقلم الأستاذ جمال موحد

لقد اصبحت ظاهرة الدروس الخصوصية او ما دأبنا على تسميته الساعات الاضافية امرا مقلقا لدى الجميع من اباء ورجال تعليم و مهتمين بالشأن التربوي عموما,و بالقائنا لنظرة على الواقع التربوي الذي نعيشه  ندرك تمام الادراك ان هذه الظاهرة لم تعد محدودة ,وانما غدت شبه منتشرة بل متعارف عليها .وللاسف الشديد مسلم بها في بعض الأحيان,فما هي تجلياتها وما العوامل التي تقف وراء انتشارها بالشكل الذي اشرنا اليه وهل لها من جوانب ايجابية واخيرا من الاطراف المسؤولة عن تفشيها ومن تم القادرة على الحد منها أوالقضاء عليها ؟هذه الاسئلة هي ما سنحاول تسليط بعض الضوء عليه من خلال هذه الورقة المقتضبة .بداية نذكر بأن اشكالية الدورس الخصوصية ليست حديثةالعهد بل تعود بدايتها الى الربع الاخير من القرن الماضي,حيث كانت محدودة جداوما نلاحظه اليوم هوتفشيها بالشكل الذي جعل منها ظاهرة تستدعي الدراسة  والتحليل من اجل تحديد اسبابها ودوافعها ومختلف انعكاستها على المنظومة التعليمية عموما وعلى المتعلم بشكل خاص وأيضاعلى المجتمع  برمته ومن تم وضع حد لمختلف مظاهرها السلبية.
 ظاهرة الدروس الخصوصية قد نتفق بداية ان بعض اشكالها تبقى مقبولة كأن يستعين  أب او اسرةباستاذ متخصص في مادة معينة او مجموعة من المواد لاعطاء دروس خصوصية للابناء اما لضعف  مستواهم التعليمي ومحاولة تجاوز هذا الضعف أوبحثاعن التميز والتفوق الدراسي .وتأسيسا على ذلك فالدروس الخصوصية لهذا الغرض وبهذا الشكل مستساغة ومطلوبة ما دامت نابعة من رغبة الاسرة وبرضاها .ولكن أن   يتم  فرض الدروس الخصوصية على المتعلمين من طرف المدرس حيث يصبح المتعلم اما م خياران لاثالث لهما اما ان ينخرط طوعا او كرها و يكون زبونا من زبناء المدرس وبالتالي فيسيحصل على نقط عالية في المراقبة المستمرة دون أن يتطلب منه ذلك جهدا كبيرا واما ان يمتنع فيقع ضحية لتعسف الأستاذ  واهماله داخل الفصل هذا الاهمال الذ ي قد ياخد اشكالا متعددة بدءا بالاهانة المتعددة الاشكال وصولا الي حرمانه من المشاركة داخل الفصل كبقية أقرانه.وهنايحق لنا ان نتساءل جميعا ماذا يفعل هذا الاستاذ داخل الفصل اذا كان سيفرض على متعلميه دروس خصوصية خارج اوقات الدراسة وبشكل جماعي أي جماعة القسم بكاملها.واذاكان هذاالمدرس يقوم بدوره التربوي و التعليمي  كاملا فما جدوى هذه الدروس التي اصبحت تثقل كاهل الآباء من ا لناحية المادية ومن مظاهر هذا الوضع أن نجد الأستاذ الذي يجبر تلاميذه على الدروس الخصوصية بطرق غير مباشرة نجده متكاسلا داخل الفصل أثناء الحصص الرسمية فإذا ماكان في درس خصوصي يصبح أكثر فعالية ونشاطا وكأن الأمر يتعلق بانفصام في الشخصية.
ان هذه الظاهرة لم تعد مرتبطة بسلك تعليمي دون اخر فهي تكاد تكون مستشرية في         جميع الأسلاك التعليمية بدرجات مختلفة بين سلك وآخر لكنها تزاد حدة في السلك الثانوي التأهيلي وخصوصا في المواد ذات المعاملات الأعلى,هذا من جانب ومن جانب اخر فالواجب المهني يفرض على المدرس في جميع الأسلاك أن لا يحرم المتعلم الرسمي من حقه في تعليم جيد وداخل الفصل ولا يحق له أن يفرض على متعلميه دروسا خصوصية يمكن أن يجنوا ثمارها من الحصص التعليمية الرسمية والقانونية.ان لسان حال آباء وأسر التلاميذ يقول بأن الدروس الخصوصية أصبحت شيئا لا مناص منه بل شرا لابد منه في ظل ضعف الأداء التربوي عموما.أمام هذا الوضع التربوي المؤرق والغير الطبيعي من هي الأطراف المسؤولة عن تفشي هذه الظاهرة وعن انفلاتاتها؟
من الواضح أن هناك عدة أطراف يجب أن تتحمل مسؤوليتها في دراسة الظاهرة ووضع حد لكل انعكاساتها السلبية على منظومتنا التربوية ,ولاشك أن الأستاذ الذي يتعاطى مع هذه الظاهرة بشكلها السلبي هو المسؤول الأول عن تفشيها ومن تم فعليه اعادة النظر في كل مما رساته في هذا الإطار.ولكن يجب أن نشيرالى أن مسؤولية الأستاذ في هذا الجانب مرتبطة بمسؤولية جمعيات الأباء و مدى يقظتها ووعيها بأخطارالظاهرة المتعددة ومن تم التفكير مع وزارة التربية الوطنية في وضع حد لهذا الهضم لحق المتعلم في تعليم جيد داخل الفصول المدرسية العمومية بدون آن يفرض عليه الانخراط في دروس خصوصية بالمقابل المادي والذي قد لا يكون في متناول الكثير من الأسرالمغربية أداءه,وكل هذا يبقى رهينا بتفعيل حقيقي لجمعيات الآباء في جميع المؤسسات التعليمية دون استثناء.
من الأطراف التي لا تقل مسؤوليتها في هذه الظاهرة عن جمعيات الأباء,رجال  التعليم عموما ممن يعارضون الظاهرة وهنا يجب أن نشير أن هناك الكثير من هؤلاء من هم ضد الظاهرة بجميع أشكالها الاستغلالية.ولكنهم مع رفضهم لها يتحملون مسؤولية تنبيه المجتمع برمته الى أن الدروس الخصوصية الاستغلالية لا تليق برجل التعليم الغيور على المدرسة العمومية ولايجب أن يتعاطاها بدعوى تحسين دخله المادي الذي  لن يكون بالطبع الا على حساب جيوب الأخرين.
اذا كانت الأطراف التي ذكرناها  آنفا هي  المسؤولة بشكل رئيسي عن تفشي الظاهرة ومن تم فهي مطالبة بالحد منها في اتجاه القضاء عليها ,فهناك أطراف أخرى يمكن أن يسهم دورها التوعوي في التعريف بها من خلال طرحها في برامج حوارية مختلفة حيث ياتي على رأس هذه الأطراف وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة .
وفي الأخير أقول بماأن البرنامج الإستعجالي جاء لإنصاف المتعلم أكثر من السابق خصوصا في مؤسسات التعليم العمومي فقد آن الأوان أن نضع حدا لكل استغلال لهذا المتعلم خصوصا بالمدرسة العمومية مهما كانت المسوغات والدواعي.
في الأخير يبقى من الضروري أن نشير الى أنه في ظل هذا الواقع لازال هناك الكثير من رجال التعليم وفي جميع الأسلاك من هم ضد أي نوع من أنواع استغلال المتعلم مهما كانت ظروفهم ومهما تعددت المبررات و بالتالي فهم حريصون كل الحرص على اعطاء المتعلم حظه الأوفر وحقه المستحق في تعليم جيد داخل الفصل الدراسي وخارجه ان دعت الضرورة.
عن تربويات
www.tarbawiyat.net